كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


أشار بهذا الحديث إلى أن هذه الثلاثة من أمراض القلب التي يجب التداوي منها وأن علاجها ما ذكر فمخرجه من سوء الظن أن لا يحققه بقلبه ولا بجارحته أما تحقيقه بالقلب فبأن يصمم عليه ولا يكرهه ومن علامته أن يتفوه به فبأن يعمل بموجبه فيها والشيطان يلقي للإنسان أن هذا من فطنتك وأن المؤمن ينظر بنور اللّه وهو إذا أساء الظن ناظر بنور الشيطان وظلمته أما إذا أخبرك به عدل فظننت صدقه فأنت مغرور‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ ‏[‏ابن حبان‏]‏ في‏)‏ كتاب ‏(‏التوبيخ طب عن حارثة بن النعمان‏)‏ بن نقع بن زيد من بني مالك ابن النجار من فضلاء الصحابة شهد بدراً قال الهيثمي‏:‏ فيه إسماعيل بن قيس الأنصاري ضعيف‏.‏

3466 - ‏(‏ثلاث لم تسلم منها هذه الأمة‏)‏ أي أمة الإجابة ‏(‏الحسد‏)‏ للخلق ‏(‏والظن‏)‏ بالناس سوءاً ‏(‏والطيرة‏)‏ أي التطير يعني التشاؤم ‏(‏ألا أنبئكم بالمخرج منها‏)‏ قالوا‏:‏ أخبرنا يا رسول اللّه قال‏:‏ ‏(‏إذا ظننت فلا تحقق‏)‏ مقتضى ظنك ‏(‏وإذا حسدت‏)‏ أحداً ‏[‏ص 305‏]‏ ‏(‏فلا تبغ‏)‏ أي إن وجدت في قلبك شيئاً فلا تعمل به ‏(‏وإذا تطيرت فامض‏)‏ لأن الحسد واقع في النفس كأنها مجبولة عليه فلذلك عذرت فيه فإذا استرسلت فيه بمقالها وفعالها كانت باغية وينبغي للحاسد أن يرى أن حرمانه من تقصيره ويجتهد في تحصيل ما به صار المحسود محظوظاً لا في إزالة حظه فإن ذلك مما يضره ولا يعيده ذكره القاضي وقال الغزالي‏:‏ إذا يئس الإنسان أن ينال مثل تلك النعمة وهو يكره تخلفه ونقصانه فلا محالة يحب زوال النقص وإنما يزول بأن ينال مثلها أو تزول نعمة المحسود فإذا انسد أحد الطريقين لا ينفك القلب عن شهوة الآخر فإذا زالت نعمة المحسود كان أشهى عنده من دوامها وبزوالها يزول تخلفه ويقدم غيره وهذا لا ينفك القلب عنه فإن كان لورود الأمر لاختياره سعى في إزالة النعمة عنه فهو الحسد المذموم وإن كان نزعه التقوى من إزالة ذلك عفي عنه فيما يجده من طبعه من ارتياح إلى زوال نعمة محسوده مهما كان كارهاً لذلك من نفسه بعقله ودينه وهذا هو المعنى بالخبر‏.‏

- ‏(‏رسته في‏)‏ كتاب ‏(‏الإيمان‏)‏ له ‏(‏عن الحسن مرسلاً‏)‏ وهو البصري الإمام المشهور بضم الراء وسكون المهملة وفتح المثناة لقب عبد الرحمن ابن عمر الأصبهاني الحافظ‏.‏

3467 - ‏(‏ثلاث لن تزلن في أمتي التفاخر بالأحساب‏)‏ هذا ورد للمبالغة في التحذير والزجر عما استحكم في الطبع من الإفتخار بالآباء والإتكال عليهم والمسارعة إلى السعادة إنما هي بالأعمال لا بالأحساب‏[‏لئن فخرت بآباء ذوي حسب * لقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا

أو كيف يتكبر بنسب ذوي الدنيا وهي عند اللّه لا تساوي جناح بعوضة وكيف يتكبر بنسب أهل الدين وهم لم يكونوا يتكبرون وكان شرفهم بالدين والتواضع قد شغلهم خوف العاقبة عن التكبر مع عظيم علمهم وعملهم فكيف يتكبر بنسبهم من عاطل عن خصالهم‏؟‏‏]‏

‏:‏وما الفخر بالعظم الرميم وإنما * فخار الذي يبغي الفخار لنفسه

‏(‏والنياحة‏)‏ على الميت كدأب أهل الجاهلية ‏(‏والأنواء‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ هي ثمانية وعشرون نجماً معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها يسقط منها في كل ثلاثة عشر ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته وانقضاء هذه النجوم مع انقضاء السنة فكانوا إذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا‏:‏ لا بد من رياح ومطر فينسبون كل غيم يكون عند ذلك إلى النجم الساقط فيقولون‏:‏ مطرنا بنوء الثريا والدبران والسماك والنوء من الأضداد فسمي به النجم إما الطالع أو الساقط اهـ ‏.‏

قال الخطيب البغدادي رضي اللّه عنه‏:‏ لقي منجم رجلاً فقال المنجم‏:‏ كيف أصبحت قال‏:‏ أصبحت أرجو اللّه وأخافه وأصبحت ترجو المشتري وزحل وتخافهما فنظمه بعضهم فقال‏:‏

أصبحت لا أرجو ولا أخشى سوى * الجبار في الدنيا ويوم المحشري

وأراك تخشى ما تقدر أنه * يأتي به زحل وترجو المشتري

شتان ما بيني وبينك فالتزم * طرق النجاة وخل طرق المنكري

- ‏(‏ع عن أنس‏)‏ ورواه عنه البزار أيضاً قال الهيثمي‏:‏ ورجاله ثقات‏.‏

3468 - ‏(‏ثلاث لو يعلم الناس ما فيهن ما أخذن إلا بسهمة‏)‏ أي قرعة فلا يتقدم إليها إلا من خرجت له القرعة ‏(‏حرصاً على ما فيهن من الخير‏)‏ الأخروي ‏(‏والبركة‏)‏ أي الزيادة في الخير ‏(‏التأذين بالصلاة‏)‏ فإن المؤذن يغفر له مدى صوته ولا يسمعه إنس ولا جن ولا شيء إلا شهد له به يوم القيامة ‏(‏والتهجير‏)‏ أي التكبير ‏(‏بالجماعات‏)‏ أي المحافظة على حضورها في أول الوقت ‏(‏والصلاة في أول الصفوف‏)‏ أي الصف المتقدّم منها وهو الذي يلي الإمام وقد ورد في فضله نصوص ‏[‏ص 306‏]‏ لا تكاد تحصى‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه أيضاً باللفظ المزبور أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ ‏[‏ابن حبان‏]‏ وغيره قال الديلمي‏:‏ وفي الباب علي غيره‏.‏

3469 - ‏(‏ثلاث ليس لأحد من الناس‏)‏ فيهن رخصة أي في تركهن ‏(‏بر الوالدين مسلماً كان‏)‏ الواحد منهم ‏(‏أو كافر‏)‏ يحتمل تقييده بالمعصوم ويحتمل خلافه ‏(‏والوفاء بالعهد لمسلم كان أو كافر‏)‏ فيه الاحتمالان المذكوران ‏(‏وأداء الأمانة لمسلم كان أو كافر‏)‏ فيه ما في قبله‏.‏

- ‏(‏هب عن علي‏)‏ أمير المؤمنين كرم اللّه وجهه وفيه إسماعيل بن أبان فإن كان هو الغنوي الكوفي فهو كما قال الذهبي‏:‏ كذاب وإن كان الوراق فثقة‏.‏

3470 - ‏(‏ثلاث معلقات بالعرش‏)‏ أي عرش الرحمن ‏(‏الرحم‏)‏ متعلقاً به ‏(‏تقول اللّهم إني بك فلا أقطع‏)‏ أي أعوذ بك من أن يقطعني قاطع يريد اللّه والدار الآخرة ‏(‏والأمانة‏)‏ معلقة به ‏(‏تقول اللّهم إني أعوذ بك فلا أختان‏)‏ أي إني أعوذ بك أن يخونني خائن يخشاك ‏(‏والنعمة‏)‏ معلقة به ‏(‏تقول اللّهم إني أعوذ بك فلا أكفر‏)‏ أي أعوذ بك أن يكفر بي المنعم عليه الذي يخاف اللّه قال العارف ابن أدهم‏:‏ إذا أردت معرفة الشيء بفضله فاقلبه بنقيضه فاقلب الأمان خيانة والصدق كذباً والإيمان كفراً تعرف فضل ما أوتيت فالحذر الحذر وقال العارف المحاسبي‏:‏ ثلاثة عزيزة أو معدومة حسن وجه مع صيانة وحسن خلق مع ديانة وحسن إخاء مع أمانة‏.‏

- ‏(‏هب‏)‏ وكذا البزار ‏(‏عن ثوبان‏)‏ بضم الثاء بضبط المصنف قال العلائي‏:‏ حديث غريب فيه يزيد بن ربيعة الرجي ضعيف متكلم فيه اهـ‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه يزيد بن ربيعة متروك‏.‏

3471 - ‏(‏ثلاث منجيات‏)‏ من عذاب اللّه تعالى ‏(‏خشية اللّه‏)‏ أي خوفه ‏(‏تعالى في السر والعلانية والعدل في الرضى والغضب‏)‏ العادل من لا يميل في الهوى فيجور في الحكم ‏(‏والقصد في الفقر والغنى‏)‏ أي التوسط فيهما ‏(‏وثلاث مهلكات‏)‏ أي يردين فاعلهنّ في الهلاك ‏(‏هوى متبع وشح مطاع‏)‏ قال ابن الأثير‏:‏ هو أن يطيعه صاحبه في منع الحقوق التي أوجبها اللّه عليه في ماله يقال أطاعه يطيعه فهو مطيع وطاع له يطوع ويطيع فهو طائع أي أذعن وأقرّ والاسم الطاعة ‏(‏وإعجاب المرء بنفسه‏)‏ قال القرطبي‏:‏ وهو ملاحظة لها بعين الكمال والاستحسان مع نسيان منة اللّه فإن وقع على الغير واحتقره فهو الكبر قال الغزالي‏:‏ أحذرك ثلاثاً من خبائث القلب هي الغالبة على متفقهة العصر وهي مهلكات وأمّهات لجملة من الخبائث سواها الحسد والرياء والعجب فاجتهد في تطهير قلبك منها فإن عجزت عنه فأنت عن غيره أعجز ولا تظن أنه يسلم لك بنية صالحة في تعلم العلم وفي قلبك شيء من الحسد والرياء والعجب فأما الحسد فالحسود هو الذي ينشق عليه إنعام اللّه على عبد من عباده بمال أو علم أو محبة أو حظ حتى يحب زوالها عنه وإن لم يحصل له شيء فهو المعذب الذي لا يرحم ‏[‏ص 307‏]‏ فلا يزال في عذاب فالدنيا لا تخلو عن كثير من أقرانه فهو في عذاب في الدنيا إلى موته ولعذاب الآخرة أشد وأكبر وأما الهوى المتبع فهو طلبك المنزلة في قلوب الخلق لتنال الجاه والحشمة وفيه هلك أكثر الناس وأما العجب فهو الداء العضال وهو نظر العبد إلى نفسه بعين العز والاستعظام ونظره لغيره بعين الاحتقار وثمرته أن يقول أنا وأنا كما قال إبليس ونتيجته في المجالس التقدم والترفع وطلب التصدر وفي المحاورة الاستنكاف من أن يرد كلامه وذلك مهلك للنفس في الدنيا والآخرة قال الزمخشري‏:‏ الإعجاب هو فتنة العلماء وأعظم بها من فتنة وقال في العوارف‏:‏ وما نقل عن جمع كبار من كلمات مؤذنة بالإعجاب فهو بسقيا السكر وانحصارهم في مضيقه وعدم خروجهم لفضاء الفقر في ابتداء أمرهم فإنه إذا حدق صاحب البصيرة نظره علم أنه من استراق النفس قال عند نزول الوارد على القلب والنفس عند الاستراق المذكور تظهر بصفتها فتصدر عنها تلك الكلمات كقول بعضهم ما تحت خضر السماء مثلي وقول بعضهم أسرجت وألجمت وطفت في أقطار الأرض وقلت هل من مبارز فلم يخرج إليّ أحد فهذا كله يطفح عليهم حال السكر فيحتمل‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ ‏[‏ابن حبان‏]‏ في التوبيخ‏)‏ وكذا البزار وأبو نعيم والبيهقي ‏(‏طس‏)‏ كلهم ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ سنده ضعيف‏.‏

3472 - ‏(‏ثلاث مهلكات‏)‏ أي موقعات لفاعلها في المهالك ‏(‏وثلاث منجيات‏)‏ لفاعلها ‏(‏وثلاث كفارات‏)‏ لذنوب فاعلها ‏(‏وثلاث درجات‏)‏ أي منازل في الآخرة ‏(‏فأما المهلكات فشح مطاع‏)‏ أي بخل يطيعه الناس فلا يؤدون الحقوق وقال الراغب‏:‏ خص المطاع لينبه أن الشح في النفس ليس مما يستحق به ذم إذ ليس هو من فعله وإنما يذم بالانقياد له‏[‏لأنه من لوازم النفس مستمد من أصل جبلتها الترابي وفي التراب قبض وإمساك وليس ذلك بعجيب من الآدمي وهو جبلي إنما العجيب وجود السخاء في الغريزة وهو النفوس الفاضلة الداعي إلى البذل والإيثار‏]‏ ‏(‏وهوى متبع‏)‏ بأن يتبع كل أحد ما يأمره به هواه ‏(‏وإعجاب المرء بنفسه‏)‏ أي تحسين كل أحد نفسه على غيره وإن كان قبيحاً قال القرطبي‏:‏ وإعجاب المرء بنفسه هو ملاحظة لها بعين الكمال مع النسيان لنعمة اللّه والإعجاب وجدان شيء حسناً قال تعالى في قصة قارون ‏{‏قال إنما أوتيته على علم عندي‏}‏ قال اللّه تعالى ‏{‏فخسفنا به‏}‏ فثمرة العجب الهلاك قال الغزالي‏:‏ ومن آفات العجب أنه يحجب عن التوفيق والتأييد من اللّه تعالى فإن عجب مخذول فإذا انقطع عن العبد التأييد والتوفيق فما أسرع ما يهلك قال عيسى عليه الصلاة والسلام‏:‏ يا معشر الحواريين كم سراج قد أطفأته الريح وكم عابد أفسده العجب ‏(‏وأما المنجيات فالعدل في الغضب والرضى والقصد في الفقر والغنى وخشية اللّه في السر والعلانية‏)‏ قدم السر لأن تقوى اللّه فيه أعلى درجة من العلن لما يخاف من شوب رؤية الناس وهذه درجة المراقبة وخشيته فيهما تمنع من ارتكاب كل منهي وتحثه على فعل كل مأمور فإن حصل للعبد غفلة عن ملاحظة خوفه وتقواه فارتكب مخالفة مولاه لجأ إلى التوبة ثم داوم الخشية ‏(‏وأما الكفارات‏)‏ جمع كفارة وهي الخصال التي من شأنها أن تكفر أي تستر الخطيئة وتمحوها ‏(‏فانتظار الصلاة بعد الصلاة‏)‏ ليصليها في المسجد ‏(‏وإسباغ الوضوء في السبرات‏)‏ جمع سبرة بسكون الموحدة وهي شدّة البرد كسجدة وسجدات ‏(‏ونقل الأقدام إلى الجماعة‏)‏ أي إلى الصلاة مع الجماعة ‏[‏ص 308‏]‏ ‏(‏وأما الدرجات فإطعام الطعام‏)‏ للجائع ‏(‏وإفشاء السلام‏)‏ بين الناس من عرفته ومن لم تعرفه ‏(‏والصلاة بالليل والناس نيام‏)‏ أي التهجد في جوف الليل حال غفلة الناس واستغراقهم في لذة النوم وذلك هو وقت الصفاء وتنزلات غيث الرحمة وإشراق الأنوار‏.‏

- ‏(‏طس‏)‏ وكذا أبو نعيم ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب رضي اللّه عنه قال العلاء‏:‏ سنده ضعيف وعده في الميزان من المناكير قال الهيثمي‏:‏ فيه ابن لهيعة ومن لا يعرف‏.‏

3473 - ‏(‏ثلاث من كن فيه فهو منافق‏)‏ أي حاله يشبه حال المنافق ‏(‏وإن صام‏)‏ رمضان ‏(‏وصلى‏)‏ الصلوات المفروضة ‏(‏وحج‏)‏ البيت ‏(‏واعتمر‏)‏ أي أتى بالعمرة وإن عمل أعمال المسلمين من صلاة وصوم وحج واعتمار وغيرها من العبادات وهذا الشرط اعتراضي وأراد للمبالغة لا يستدعي الجواب ذكره الزمخشري ‏(‏وقال إني مسلم إذا حدث كذب‏)‏ في حديثه ‏(‏وإذا وعد أخلف‏)‏ فيما وعد ‏(‏وإذا ائتمن خان‏)‏ فيما جعل أميناً عليه وقد سبق الكلام على هذا مستوفى بما منه أنه ليس الكلام فيمن لم تتمكن منه هذه الخصال إنما المراد من صارت هجيراه وديدنه وشعاره لا ينفك عنها بدليل قرن الجملة الشرطية بإذا الدالة على تحقق الوقوع‏.‏

- ‏(‏رسته في‏)‏ كتاب ‏(‏الإيمان وأبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ في‏)‏ كتاب ‏(‏التوبيخ‏)‏ كلاهما ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ورواه عنه أيضاً أبو يعلى باللفظ المزبور لكن بدون حج واعتمر والباقي سواء فلو عزاه له ثم قال وزاد فلان وحج واعتمر لكان أقعد وأجود‏.‏

3474 - ‏(‏ثلاث من الإيمان‏)‏ أي من قواعد الإيمان وشواهد أهله ‏(‏الحياء‏)‏ بحاء مهملة ومثناة تحتية ‏(‏والعفاف والعي‏)‏ والمراد به ‏(‏عيّ اللسان‏)‏ عن الكلام عند الخصام ‏(‏غير عيّ الفقه‏)‏ أي الفهم في الدين ‏(‏والعلم‏)‏ فإن العي عنهما ليس من أصل الإيمان بل محض النقص والخسران ‏(‏وهن مما ينقصن من الدنيا‏)‏ لأن أكثر الناس لا حياء عندهم فمن استحيا معهم ضيعوه والعفاف ليس من شأنهم فمن قصر منهم في الخصام خصموه ‏(‏و‏)‏ هن ‏(‏يزدن في الآخرة‏)‏ أي في عمل الآخرة الذي لا معول عند كل ذي لب إلا عليه ‏(‏وما يزدن في الآخرة أكثر مما ينقصن من الدنيا‏)‏ ‏{‏وللآخرة خير لك من الأولى‏}‏ ‏(‏وثلاث من النفاق‏)‏ أي من علامات النفاق وشأن أهله ‏(‏البذاء والفحش‏)‏ في القول والفعل ‏(‏والشح‏)‏ الذي هو أشد البخل ‏(‏وهن مما يزدن في الدنيا‏)‏ لكونهن طباع أهلها ‏(‏وينقصن من الآخرة‏)‏ لما فيهن من الوزر وارتكاب الإصر ‏(‏وما ينقصن من الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا‏)‏‏.‏

- ‏(‏رسته عن عون‏)‏ بفتح المهملة وآخره نون ‏(‏ابن عبد اللّه بن عتبة بلاغاً‏)‏ وهو الهذلي الكوفي الزاهد الفقيه تابعي جليل وقيل روايته عن الصحب مرسلة قال الذهبي‏:‏ وثقوه‏.‏

3475 - ‏(‏ثلاث‏)‏ أي صوم ثلاث ‏(‏من كل شهر‏)‏ زاد النسائي أيام البيض ‏(‏ورمضان إلى رمضان فهذا صيام الدهر كله‏)‏ ‏[‏ص 309‏]‏ قال بعض الكمل‏:‏ إشارة إلى مجموع صوم رمضان أدخل الفاء في الخبر لكون المبتدأ نكرة موصوفة أو الفاء زائدة واعترض بأنه صح خبر صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر فما فائدة إضافة رمضان إليه مع أن قوله إلى رمضان يصير مستدركاً على توجيهه فالأقرب تعلق قوله إلى رمضان بمحذوف خبر لرمضان أي صوم رمضان إلى رمضان ولا يبعد أن يعطي اللّه بمجرد صوم رمضان ثواب سنة تفضلاً‏.‏

- ‏(‏م د ن‏)‏ كلهم في الصوم ‏(‏عن أبي قتادة‏)‏ ولم يخرج البخاري عن أبي قتادة شيئاً‏.‏

3476 - ‏(‏ثلاث هن عليَّ فريضة‏)‏ لازمة ولفظ رواية الحاكم فرائض ‏(‏وهن لكم تطوع الوتر وركعتا الضحى والفجر‏)‏ قال ابن حجر‏:‏ يلزم من قال به وجوب ركعتي الفجر عليه ولم يقولوا به وإن وقع في كلام بعض السلف ووقع في كلام الآمدي وابن الحاجب وقد ورد ما يعارضه انتهى ‏(‏أقول‏)‏ أخشى أن يكون ذلك تحريفاً فإن الذي وقفت عليه بخط الحافظ الذهبي في تلخيص المستدرك النحر بالنون وحاء مهملة لا بفاء وجيم ولعله هو الصواب فلينظر‏.‏

- ‏(‏حم ك‏)‏ في الوتر عن شجاع عن يحيى بن أبي حبة عن عكرمة ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ قال الذهبي‏:‏ ما تكلم الحاكم عليه وهو حديث منكر ويحيى ضعفه النسائي والدارقطني وقال ابن حجر‏:‏ ولفظ رواية أحمد ركعتا الفجر بدل الضحى وفي رواية لابن عدي الوتر والضحى وركعتا الفجر ومداره على أبي جناب الكلبي عن عكرمة وأبو جناب ضعيف ومدلس وقد عنعنه وقد أطلق الأئمة على هذا الحديث الضعف كأحمد والبيهقي وابن الصلاح وابن الجوزي والنووي وغيرهم وخالف الحاكم فخرجه في مستدركه لكن لم يتفرد به أبو جناب بل تابعه أضعف منه وهو جابر الجعفي انتهى وقال في موضع آخر‏:‏ الحديث ضعيف من جميع طرقه وقال في موضع‏:‏ فيه أبو جناب ضعيف وله طريق أخرى فيها مندل وأخرى وضاح بن يحيى وأخرى فيها جابر الجعفي والكل ضعفاء وقال في موضع آخر‏:‏ حديث غريب أورده ابن عدي في منكرات أبي جناب بجيم ونون خفيفة وموحدة وقد ضعفوه‏.‏

3477 - ‏(‏ثلاث وثلاث وثلاث‏)‏ أي أعدهن وأبين حكمهن ‏(‏فثلاث لا يمين فيهن‏)‏ أي يعمل بمقتضاها بل إذا وقع الحلف ينبغي الحنث والتكفير لا يجب فيهن يمين ‏(‏وثلاث الملعون فيهن وثلاث أشك فيهن‏)‏ فلا أجزم فيهن بشيء ‏(‏فأما الثلاث التي لا يمين فيهن فلا يمين للولد مع والده‏)‏ أي لو كانت يمين الولد يحصل بسببه لوالده نحو أذى طلب للولد أن يكفر عن يمينه وكذا يقال في قوله ‏(‏ولا للمرأة مع زوجها‏)‏ فإذا حلفت على شيء يتأذى به فتحنث وتكفر ‏(‏ولا للمملوك مع سيده‏)‏ فإذا حلف المملوك على فعل شيء أو تركه وتأذى به سيده فيحنث ويكفر بالصوم لكن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق في كل ذلك ‏(‏وأما الملعون فيهن فملعون من لعن والديه‏)‏ أي يعود لعنه عليه ‏(‏وملعون من ذبح لغير اللّه‏)‏ كالأصنام ‏(‏وملعون من غير تخوم الأرض‏)‏ بضم المثناة الفوقية وخاء معجمة أي حدودها جمع تخم بفتح فسكون ‏[‏ص 310‏]‏ ‏(‏وأما التي أشك فيهن فعزيز لا أدري أكان نبياً أم لا ولا أدري ألعن تبع أم لا‏)‏ وهذا قبل علمه بأنه كان قد أسلم بدليل ما سيجيء في حديث لا تسبوا وفي رواية لا تلعنوا تبعاً فإنه كان قد أسلم وهو تبع الحميري كان مؤمناً وقومه كافرين فلذلك ذمهم اللّه ولم يذمه ‏(‏ولا أدري الحدود‏)‏ التي تقام على أهلها في الدنيا ‏(‏كفارة لأهلها في العقبى أم لا‏)‏ وهذا قاله قبل علمه بأنها كفارة لها فقد صح عند أحمد وغيره خبر من أصابه ذنباً فأقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته وظاهره التكفير وإن لم يتب وعليه الجمهور واستشكل بأن قتل المرتد ليس بكفارة وأجيب بأن الخبر خص بآية ‏{‏إن اللّه لا يغفر أن يشرك به‏}‏ وظاهر الخبر أن القاتل إذا قتل سقطت عنه المطالبة في الآخرة، وأباه جماعة‏.‏

- ‏(‏الإسماعيلي‏)‏ بكسر الهمزة وسكون المهملة وفتح الميم وكسر العين المهملة نسبة إلى جد له اسمه إسماعيل ‏(‏في معجمه وابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ رضي اللّه عنهما‏.‏

3478 - ‏(‏ثلاث لا تؤخر، وهن الصلاة إذا أتت‏)‏ أي دخل وقتها قال ابن سيد الناس‏:‏ رويناه بمثناتين فوقيتين وروي آنت بنون ومد بمعنى حانت وحاضرت وقال التوربشتي‏:‏ أكثر المحدثين أنه بمثناتين فوقيتين وهو تصحيف وإنما المحفوظ من ذوي الإتقان أنه آنت على وزان حانت ‏(‏والجنازة إذا حضرت‏)‏ فإذا حضرت للمصلى لا تؤخر لزيادة المصلي ولا غيره للأمر بالإسراع بها، نعم ينبغي انتظار الولي إن لم يخف تغيره قال المظهر‏:‏ وفيه أن الصلاة على الجنازة لا تكره في الأوقات المكروهة وفي تحفة الألباب أن بلاد بلغار يشتد بردها فتصير الأرض كالحديد لا يمكن الدفن بها إلا تعهد الشتاء بثلاثة أشهر ‏(‏والأيم إذا وجدت كفؤاً‏)‏ فإنه لا يؤخر تزويجها ندباً قال الطيبي‏:‏ وجمع تعجيل الصلاة والجنازة والأيم في قرن واحد لما يشملها من معنى اللزوم فيها وثقل محلها على من لزم عليه مراعاتها والقيام بحقها وهذا الحديث فيه قصة وهي ما أخرجه ابن دريد والعسكري أن معاوية قال يوماً وعنده الأحنف‏:‏ ما يعدل الأناة شيء فقال الأحنف‏:‏ إلا في ثلاث تبادر بالعمل الصالح أجلك وتعجل إخراج ميتك وتنكح كفء أيمك فقال رجل‏:‏ إنا لا نفتقر في ذلك إلى الأحنف قال‏:‏ لم قال‏:‏ لأنه عندنا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حدثنا عليّ كرم اللّه وجهه فذكره الترمذي في الصلاة‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في النكاح ‏(‏عن عليِّ‏)‏ أمير المؤمنين رضي اللّه عنه قال الترمذي‏:‏ غريب وليس سنده بمتصل وهو من رواية وهب عن سعيد مجهول وقد ذكره ابن حبان انتهى وجزم ابن حجر في تخريج الهداية بضعف سنده وقال في تخريج الرافعي‏:‏ عنه رواه الحاكم من هذا الوجه وجعل محله سعيد بن عبد الرحمن الحجمي وهو من أغاليطه الفاحشة انتهى ومما رواه البيهقي في سننه عن سعيد بن عبد اللّه هذا قال وفي الباب أحاديث كلها واهية أمثلها هذا وبه عرف ما في جزم الحافظ العراقي بحسنه وما في قول المناوي رجاله ثقات‏.‏

3479 - ‏(‏ثلاث لا ترد‏)‏ أي لا ينبغي ردها ‏(‏الوسائد‏)‏ جمع وسادة المخدة ‏(‏والدهن‏)‏ قال الترمذي‏:‏ يعني بالدهن الطيب ‏(‏واللبن‏)‏ قال الطيبي‏:‏ يريد أن يكرم الضيف بالطيب والوسادة واللبن ولا يردها فإنها هدية قليلة المنة فلا ينبغي ردها وأنشد بعضهم يقول‏:‏

قد كان من سيرة خير الورى * صلى اللّه عليه طول الزمن ‏[‏ص 311‏]‏

أن لا يرد الطيب والمتكا * واللحم أيضاً يا أخي واللبن

- ‏(‏ت‏)‏ في الاستئذان ‏(‏عن عمر‏)‏ بن الخطاب وقال‏:‏ غريب وفي الميزان عن أبي حاتم هذا حديث منكر وقال ابن القيم‏:‏ حديث معلول رواه الترمذي وذكر علته ولا أحفظ الآن ما قيل فيه إلا أنه من رواية عبد اللّه بن مسلم بن حبيب عن أبيه عن ابن عمر وقال ابن حبان‏:‏ إسناده حسن لكنه ليس على شرط البخاري‏.‏

3480 - ‏(‏ثلاث لا يجوز اللعب فيهن‏)‏ لكون هزلهن جداً ‏(‏الطلاق والنكاح والعتق‏)‏ في رواية بدله الرجعة قال ابن حجر‏:‏ وهذا هو المشهور فيه اهـ فمن طلق أو تزوج أو أعتق هازلاً نفذ له وعليه‏.‏

- ‏(‏طب عن فضالة بن عبيد‏)‏ الأنصاري قال الهيثمي‏:‏ فيه ابن لهيعة وبقية رجاله رجال الصحيح قال ابن حجر‏:‏ وفيه رد على النووي إنكاره على الغزالي إيراد اللفظ قائلاً المعروف الخبر المار ثلاث جدهن إلخ اهـ‏.‏

3481 - ‏(‏ثلاث‏)‏ أصله ثلاث خصال بالإضافة حذف المضاف إليه ولهذا جاز الإبتداء بالنكرة ‏(‏لا يحل لأحد‏)‏ من الناس ‏(‏أن يفعلهن‏)‏ وأن وما بعدها يقدر بالمصدر الذي هو فاعل تقديره لا يحل لأحد فعلهن ‏(‏لا يؤم رجل‏)‏ أي ولا امرأة للنساء ‏(‏قوماً فيخص‏)‏ منصوب بأن المقدرة لوروده بعد النفي على حد ‏{‏لا يقضى عليهم فيموتوا‏}‏ ‏(‏نفسه بالدعاء دونهم‏)‏ في رواية بدعوة فتخصيص الإمام نفسه بالدعاء مكروه فيندب له أن يأتي بلفظ الجمع في نحو القنوت‏[‏أي خاصة بخلاف دعاء الافتتاح والركوع والسجود والجلوس بين السجدتين والتشهد‏]‏ قال ابن رسلان رحمه اللّه‏:‏ وكذا التشهد ونحوه من الأدعية ‏(‏فإن فعل‏)‏ أي خص نفسه بالدعاء ‏(‏فقد‏)‏ أي حقيق ‏(‏خانهم‏)‏ لأن كل ما أمر به الشارع فهو أمانة وتركه خيانة ‏(‏ولا ينظر‏)‏ بالرفع عطفاً على يوم ‏(‏في قعر‏)‏ كفلس ‏(‏بيت‏)‏ أي صدره وفي المصباح قعر الشيء نهاية أسفله ‏(‏قبل أن يستأذن‏)‏ على أهله فيحرم الاطلاع في بيت الغير بغير إذنه ‏(‏فإن فعل‏)‏ أي اطلع فيه بغير إذنهم ‏(‏فقد دخل‏)‏ أي فقد ارتكب إثم من دخل البيت‏[‏والظاهر أن محل هذا إذا كان فيه من يحرم النظر إليه أو ما يكره المالك اطلاع الناس عليه‏]‏ ‏(‏ولا يصلي‏)‏ بكسر اللام المشدودة مضارع والفعل في معنى النكرة والنكرة في معرض النفي تعم فتشمل صلاة فرض العين والكفاية والسنة فلا يفعل شيء منها ‏(‏وهو حقن‏)‏ أي حاقن أي حابس للبول كالحاقب للغائط والحازق لذي خف ضيق ‏(‏حتى يتخفف‏)‏ بفتح المثناة التحتية ومثناة فوقية أي يخفف نفسه بإخراج الفضلتين لئلا يؤذيه بقاؤه وفي معناه الريح ونحوه مع الطهارة بلفظه‏.‏

‏(‏ت‏)‏ في الصلاة بمعناه كلاهما ‏(‏عن ثوبان‏)‏ مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ورواه عنه أيضاً ابن ماجه ‏(‏د‏)‏ في اختلاف يسير لفظي‏.‏

3482 - ‏(‏ثلاث لا يحاسب بهن العبد‏)‏ الفاعل لهن ‏(‏ظل خص يستظل به وكسرة يشد بها صلبه وثوب يواري به عورته‏)‏ قال في الفردوس‏:‏ الخص من قصب وقيل مكتوب في التوراة يا ابن آدم كسرة تكفيك وخرقة تواريك وجحر يؤويك‏.‏

- ‏(‏حم في‏)‏ كتاب ‏(‏الزهد‏)‏ له ‏(‏هب‏)‏ كلاهما ‏(‏عن الحسن‏)‏ البصري ‏(‏مرسلاً‏)‏ ثم قال أعني البيهقي هكذا جاء مرسلاً وهو ‏[‏ص 312‏]‏ مرسل جيد اهـ ورواه الديلمي عمن له صحبة ويعضده ما خرجه هو أيضاً عن الحسن بن علي وعثمان مرفوعاً ثلاث ليس على ابن آدم فيهم حساب طعام يقيم صلبه وبيت يسكنه وثوب يواري عورته فما فوق ذلك فكله حساب‏.‏

3483 - ‏(‏ثلاث لا يفطرن الصائم‏)‏ إذا وقعت في الصوم ‏(‏الحجامة‏)‏ فلو حجم نفسه أو حجمه غيره بإذنه لم يفطر لكن الأولى تركه وخبر أفطر الحاجم والمحجوم منسوخ أو مؤول ‏(‏والقيء‏)‏ فمن ذرعه القيء أي سبقه فهو لا يفطر مطلقاً ولا قضاء عليه ‏(‏والاحتلام‏)‏ فمن نام نهاراً واحتلم فأنزل لم يبطل صومه ولا قضاء عليه قال الحافظ العراقي‏:‏ فيه أن الحجامة لا تفطر الصائم قال ابن العربي‏:‏ وكنت متردداً فيه لكثرة المعارضات في الروايات حتى أخبرني القاضي أبو المطهر بحديث أفطر الحاجم والمحجوم فرأيت حديثاً عظيماً ورجالاً وسنداً صحيحاً فكنت تارة أحمله على لفظه وتارة أتأوله وتترامى بي الخواطر حتى قرأت على أبي الحسين بن المبارك فذكر بإسناد حديث أنس مر النبي صلى اللّه عليه وسلم بجعفر بن أبي طالب رضي اللّه عنه وهو يحتجم فقال‏:‏ أفطر هذا ثم رخص رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد الحجامة للصائم وهذا نص فيه ثلاث فوائد تسمية المحتجم وثبوت خطر الحجامة ومنعها للصائم وثبوت الرخصة بعد في الحظر‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ وكذا البيهقي ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال الترمذي‏:‏ هذا غير محفوظ وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم مضعف والمشهور عن عطاء مرسل وأورده في الميزان في ترجمة عبد الرحمن من حديث أبي سعيد ونقل عن ابن عباس عند البزار بسند معلول وعن ثوبان عند الطبراني وهو ضعيف‏.‏

3484 - ‏(‏ثلاث لا يعاد صاحبهنّ‏)‏ أي لا تندب إعادته لا أنها لا تجوز ‏(‏الرمد‏)‏ أي وجع العين ‏(‏وصاحب الضرس‏)‏ أي الذي به وجع الضرس أو غيره من الأسنان ‏(‏وصاحب الدمّل‏)‏ أي الذي به دمّل أي خرّاج صغير وإن تعدد لأن هذه من الآلام التي لا ينقطع صاحبها بسببها غالباً وهذا صريح في أن وجع العين ليس بمرض وبه تمسك قوم وذهب آخرون إلى أنه مرض وعليه مالك فإنه سئل عمن به صداع شديد فقال‏:‏ هو من الإفطار في سعة فقالوا‏:‏ لا تندب عيادته لكون عائده قد يرى ما لا يراه هو وتعقب بأنه أمر خارجي قد يأتي مثله في بقية الأمراض كالمغمى عليه قال في المطامح‏:‏ فجعله مرضاً اهـ‏.‏ ويشهد له ما في أبي داود وصححه الحاكم عن زيد بن أرقم أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم عاده من وجع بعينه وهو عند البخاري رحمه اللّه تعالى في الأدب المفرد وسياقه أتم وبه أخذ الشافعية وحملوا الحديث على الغالب من عدم الانقطاع لذلك‏.‏

- ‏(‏طس عد عن أبي هريرة‏)‏ رضي اللّه عنه قال البيهقي في الشعب‏:‏ حديث ضعيف وقال الهيثمي‏:‏ فيه مسلمة بن علي الخشني وهو ضعيف اهـ‏.‏ وقال ابن حجر‏:‏ هذا الحديث صحح البيهقي وقفه على يحيى بن أبي كثير وذلك لا يوجب الحكم بوضعه إذ مسلمة لم يجرح بكذب فجزم ابن الجوزي بوضعه وهم‏.‏

3485 - ‏(‏ثلاث لا يمنعهن‏)‏ أي لا يجوز لأحد منعهن ‏(‏الماء‏)‏ أي ماء البئر المحفورة في موات فماؤها مشترك بين الناس والحافر كأحدهم فإن حفرها بملك أو موات للتملك ملكه أو للارتفاق فهو أولى به حتى يرتحل وفي جميع الحالات يجب عليه بذل الفاضل عن حاجته للمحتاج ‏(‏والكلأ‏)‏ بالهمز والقصر النبات أي المباح وهو النابت في موات فلا يحل منع أهل الماشية من رعيه لأنه مجرد ظلم أما كلأ نبت بأرض ملكها بالإحياء فمذهب الشافعية حل بيعه ‏(‏والنار‏)‏ يعني الأحجار التي توري النار فلا يمنع أحد من الأخذ منها وأما نار يوقدها الإنسان فله منع من أخذ جذوة منها لا أن ‏[‏ص 313‏]‏ يأخذ منها مصباحاً أو يدني منها ضغثاً إذ لا ينقصها كذا ذكره جمع وقال صاحب العدة‏:‏ لو أضرم ناراً بحطب مباح بصحراء لم يمنع من ينتفع بها فلو جمع الحطب ملكه فإن أضرمه ناراً فله منع غيره منها‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي هريرة‏)‏ قال الحافظ العراقي رضي اللّه عنه‏:‏ سنده صحيح‏.‏

3486 - ‏(‏ثلاث يجلين البصر‏)‏ بضم أوله وشد اللام ‏(‏النظر إلى الخضرة‏)‏ أي إلى الزرع الأخضر أو الشجر أو إلى كل أخضر ‏(‏والى الماء الجاري‏)‏ في نحو نهر خرج به الراكد كبركة ‏(‏والى الوجه الحسن‏)‏ أي عند ذوي الطباع السليمة والسلائق المستقيمة ويحتمل عند الناظر‏.‏

- ‏(‏ك في تاريخه‏)‏ تاريخ نيسابور عن محمد بن أحمد بن هارون الشافعي عن أحمد بن عمر الزنجاني عن أبي البحتري وهب بن وهب عن جعفر بن محمد الصادق عن آبائه ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين كرم اللّه وجهه قال ابن الجوزي‏:‏ باطل موضوع ووهب كذاب والشافعي هو الريرندي ليس بشيء قال الحاكم‏:‏ حدث عن قوم لا يعرفون فقلت له‏:‏ إن أحمد بن عمر ما خلق بعد اهـ‏.‏ ولم يتعقب المؤلف إلا بأنه ورد من طريق آخر وهو ينافي قوله ‏(‏د عن ابن عمر‏)‏ أي عن محمد بن أحمد الوارق عن علي بن القباني عن عبد اللّه بن عبد الوهاب الخوارزمي عن يحيى بن أيوب المقابري عن شعيب بن حرب عن مالك بن مغول عن طلحة عن مصرف عن نافع عن ابن عمر قال المؤلف‏:‏ رجاله من شعيب فصاعداً رجال الصحيح والخوارزمي قال أبو نعيم في حديثه نكارة ‏(‏أبو نعيم في‏)‏ كتاب ‏(‏الطب‏)‏ النبوي عن محمد الأنماطي عن محمد الأهوازي عن النعمان بن أحمد عن محمد بن حرب عن عباد بن يزيد عن سليمان بن عمرو النخعي عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي عن أمّه صفية ‏(‏عن عائشة‏)‏ رضي اللّه عنها أورده المؤلف في مختصر الموضوعات وقال‏:‏ سليمان النخعي كذاب ‏(‏الخرائطي في‏)‏ كتاب ‏(‏اعتلال القلوب‏)‏ في التصوف عن أحمد بن الهيثم الكندي عن محمد بن زكريا عن محمد بن يحيى النيسابوري عن عيسى بن إبراهيم البركي عن حماد بن حميد الطويل عن أبي الصديق الناجي ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال المؤلف‏:‏ حماد هو ابن سلمة وهو فمن فوقه عن رجال الصحيح وعيسى البركي روى له أبو داود ووثق وخالد بن يحيى هو الهذلي ثم قال أعني المؤلف وبمجموع هذه الطرق يرتقي الحديث عن درجة الوضع‏.‏

3487 - ‏(‏ثلاث يزدن في قوة البصر الكحل بالإثمد‏)‏ أي التكحل بالكحل الأسود المشهور ‏(‏والنظر إلى الخضرة‏)‏ فيه الإحتمالات المقررة ‏(‏والنظر إلى الوجه الحسن‏)‏ على ما سبق قال السخاوي‏:‏ كان النسائي يلبس الأخضر من الثياب ويقول الأخضر مما يزيد في قوة البصر ‏(‏نكتة‏)‏ قال في اللسان وروى جعفر بن علي الدقاق رضي اللّه عنه عن الحسين بن سهل التركي عن أبيه عن يحيى بن أكثم قال‏:‏ دخلت على المأمون والعباس ابنه عن يمينه وكان من أحسن الناس وجهاً فجعلت أتأمله فنظر إليّ المأمون فزجرني قلت‏:‏ يا أمير المؤمنين حدثني عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر رفعه النظر إلى الوجه المليح يجلو البصر وإن في بصري ضعفاً أردت أن أجلوه قال فأطرق ثم أنشد يقول‏:‏

ألا للّه درك أي قاض * رمته المرد بالحدق المراض

يجن إذا رأى وجهاً مليحاً * ويغلط في الحديث المستفاض ‏[‏ص 314‏]‏

قال في اللسان‏:‏ هذا موضوع‏.‏

- ‏(‏أبو الحسن الفراء‏)‏ بفتح الفاء وشد الراء نسبه إلى خياطة الفراء وبيعها ‏(‏في فوائده‏)‏ تخريج السلفي عن أحمد بن الحسن الشيرازي عن الحسين بن محمد الأهوازي عن الحسين بن محمد البيع عن محمد المحدث عن جعفر الطرائقي عن عبد اللّه بن عباد العبدي عن إسماعيل بن عيسى عن أبي هلال الراسبي عن أبي بريدة ‏(‏عن‏)‏ أبيه ‏(‏بريدة‏)‏ وأبو هلال ضعفه قوم ووثقه آخرون‏.‏

3488 - ‏(‏ثلاث يدخلون الجنة بغير حساب‏:‏ رجل غسل ثيابه فلم يجد له خلفاً‏)‏ يلبسه حتى تجف ثيابه يعني أنه لفقره ليس له إلا ثيابه التي عليه ولا يمكن تحصيل شيء غيرها ‏(‏ورجل لم ينصب على مستوقده قدران‏)‏ يعني لا قدرة له على تنويع الأطعمة وتلوينها لفقره ورثاثة حاله ‏(‏ورجل دعى بشراب فلم يقل له‏)‏ بالبناء للمجهول أي لم يقل له خادمه أو نحوه الذي استدعى منه إحضار الطعام والشراب ‏(‏أيهما تريد‏)‏ يعني لا قدرة له على تحصيل نوعين من الأشربة لضيق حاله وقلة ماله فهؤلاء يدخلون الجنة بغير حساب‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ في الثواب عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال الديلمي‏:‏ وفي الباب أبو هريرة‏.‏

3489 - ‏(‏ثلاث يدركن بهن‏)‏ أي بفعلهن ‏(‏العبد‏)‏ الإنسان ‏(‏رغائب‏)‏ جمع رغبة وهي العطاء الكثير ‏(‏الدنيا والآخرة‏:‏ الصبر على البلاء والرضا بالقضاء والدعاء في الرخاء‏)‏ أي في حال الأمن وسعة الحال وفراغ البال فإن من تعرف إلى اللّه في الرخاء تعرف إليه في الشدة كما سبق تقريره موضحاً والرخاء بالمد العيش الهنيء والخصب والسعة‏.‏

- ‏(‏أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏‏)‏ في الثواب ‏(‏عن عمران بن حصين‏)‏ ورواه الديلمي عن أبي هلال التيمي مرفوعاً‏.‏

3490 - ‏(‏ثلاث يصفين لك ودّ أخيك‏)‏ في الإسلام ‏(‏تسلم عليه إذا لقيته‏)‏ في نحو طريق ‏(‏وتوسع له في المجلس‏)‏ إذا قدم عليك وأنت جالس فيه ‏(‏وتدعوه بأحب الأسماء إليه‏)‏ من اسم أو كنية أو لقب‏[‏فيندب فعل هذه الخصال والملازمة عليها لتنشأ عنها المحبة وتدوم المودة‏]‏ وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه البيهقي وثلاث من البغي تجد على الناس فيما تأتي وترى من الناس ما يخفى عليك من نفسك وتؤذي جليسك فيما لا يعنيك‏.‏

- ‏(‏طس ك هب‏)‏ كلهم من حديث أبي مطرف عن موسى بن عبد الملك ‏(‏عن عثمان بن طلحة‏)‏ بن أبي طلحة بن عثمان بن عبد الدار العبدري ‏(‏الحجبي‏)‏ بفتح وكسر الحاء المهملة والجيم الموحدة نسبة إلى حجابة الكعبة المعظمة صحابي شهير استشهد بأجنادين أو غيرها قال الحاكم‏:‏ أبو مطرف ثقة قال الذهبي‏:‏ لكن موسى ضعفه أبو حاتم وقال الهيثمي في كلامه على أحاديث الطبراني‏:‏ فيه موسى بن عبد الملك بن عمير وهو ضعيف وعثمان بن طلحة هذا قتل أبوه وعمه يوم أحد كافرين وهاجر مع خالد بن الوليد رضي اللّه تعالى عنه ودفع إليه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم مفتاح الكعبة ‏(‏هب عن عمر‏)‏ بن الخطاب ‏(‏موقوفاً عليه‏)‏ من قوله‏.‏

3491 - ‏(‏ثلاث إذا رأيتهن فعند ذلك‏)‏ أي عند رؤيتهن يعني عقبها على القرب منها ‏(‏تقوم الساعة‏)‏ القيامة ‏(‏إخراب العامر وعمارة ‏[‏ص 315‏]‏ الخراب‏)‏ قال ابن قتييبة‏:‏ أراد به نحواً مما يفعله الملوك من إخراب بناء جيد محكم وإنتاج غيره في الموات بغير علة إلا إعطاء النفس الشهوة ومتابعة الهوى ‏(‏وأن يكون المعروف منكراً والمنكر معروفاً‏)‏ أي يكون ذلك دأب الناس وديدنهم فمن أمرهم بمعروف عدوا أمره به منكراً وآذوه ومقتوه ومن نهاهم عن منكر فعلوه عدوا نهيه عنه نهياً عن معروف فعلوه فآذوه ومقتوه ‏(‏وأن يتمرس الرجل‏)‏ بمثناة تحتية فمثناة فوقية فميم مفتوحات فراء مشددة مفتوحة فسين مهملة ‏(‏بالأمانة‏)‏ أي يتلعب بها ‏(‏تمرس البعير بالشجرة‏)‏ أي يتلعب ويعبث بها كما يعبث البعير بالشجرة ويتحكك بها والتمرس شدة الالتواء‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن محمد بن عطية‏)‏ بن عروة ‏(‏السعدي‏)‏ صدوق من الطبقة الثالثة كلام المؤلف كالصريح في أنه صحابي وهو غفلة عن قول التقريب وغيره وهم من زعم أنه له صحبة مات على رأس المئة ورواه أيضاً من هذا الوجه الطبراني قال الهيثمي‏:‏ وفيه يحيى بن عبد اللّه النابلسي وهو ضعيف فما أوهمه صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من المشاهير غير سديد‏.‏

3492 - ‏(‏ثلاث أصوات يباهي اللّه بهنّ الملائكة الأذان‏)‏ أي أذان المؤذن للصلاة ‏(‏والتكبير في سبيل اللّه‏)‏ أي حال قتال الكفار ‏(‏ورفع الصوت بالتلبية‏)‏ في النسك يقول لبيك اللّهم لبيك وهذا في حق الذكر‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ في تاريخه ‏(‏فر‏)‏ كلاهما ‏(‏عن جابر‏)‏ رضي اللّه تعالى عنه وفيه معاوية بن عمرو البصري قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ واه ورشدين بن سعد قال أبو زرعة والدارقطني ضعيف وقرة بن عبد الرحمن قال أحمد منكر الحديث جداً اهـ‏.‏ ومن ثم قال ابن حجر رحمه اللّه‏:‏ حديث غريب ضعيف‏.‏

3493 - ‏(‏ثلاثة أعين لا تمسها النار‏)‏ أي نار جهنم في الآخرة ‏(‏عين فقئت‏)‏ أي خسفت وبخست ‏(‏في سبيل اللّه‏)‏ أي في قتال الكفار لإعلاء كلمة اللّه ‏(‏وعين حرست‏)‏ المسلمين ‏(‏في سبيل اللّه‏)‏ في الجهاد ‏(‏وعين بكت من خشية اللّه‏)‏ قال الطيبي‏:‏ كناية عن العالم العابد المجاهد مع نفسه لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إنما يخشى اللّه من عباده العلماء‏}‏ حيث وقع حصر الخشية فيهم غير متجاوزة عنهم فحصلت النسبة بين العينين‏:‏ عين مجاهدة مع النفس والشيطان، وعين مجاهدة مع الكفار، والخوف والخشية متلازمان‏.‏ قال في الإحياء‏:‏ الخوف سوط اللّه يسوق به عباده إلى المواظبة إلى العلم والعمل‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الجهاد عن محمد الأسدي عن عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح، وردَّه الذهبي بأن عمر ضعفوه‏.‏

3494 - ‏(‏ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة‏)‏ ذكر الثلاثة ليس للتقييد فإنه خصم كل ظالم لكنه أراد التغليظ عليهم لغرابة قبح فعلهم والخصم يقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد وهذ الحديث من الأحاديث القدسية ‏[‏ص 316‏]‏ فقد رواه البخاري رضي اللّه عنه بلفظ قال اللّه تعالى فوقع في هذه الرواية اختصار ‏(‏ومن كنت خصمه خصمته‏)‏ لأنه لا يغلبه شيء ‏(‏رجل أعطى بي‏)‏ أي أعطى الأمان باسمي أو بذكري أو بما شرعته من الدين كأن يقول عليك عهد اللّه أو ذمّته ‏(‏ثم غدر‏)‏ أي نقض العهد الذي عاهد عليه لأنه جعل اللّه كفيلاً له فيما لزمه من وفاء ما أعطى والكفيل خصم المكفول به للمكفول له ‏(‏ورجل باع حراً فأكل ثمنه‏)‏ يعني انتفع به على أي وجه كان وخص الأكل لأنه أخص المنافع وذلك لأن من باع حراً فهو غاصب لعبد اللّه الذي ليس لأحد غير اللّه عليه سبيل فالمغصوب منه خصم الغاصب ‏(‏ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه‏)‏ أي العمل ‏(‏ولم يوفه‏)‏ أجره لأنه استأجر عبداً وغلة العبد لمولاه فهو الخصم في صلب أجرة عبده هذا حكمة تخصيص هؤلاء لكنه تعالى أكرم الخصوم وأغناهم والكريم إذا ملك أحسن وإذا حاسب سمح وإذا سئل وهب والخبر مسوق لمعنيين أحدهما تعظيم هذه الخصال وأنها كبائر جرائم وخطايا عظائم يتعين الحذر منها الثاني الإخبار عن كرم اللّه وفضله وأن الخصم الغني الكريم الرؤوف الرحيم وإذا كان هو الخصم كان أرجى للعبد لأنه غني لا يتعاظمه ذنب ولا ينقصه شيء فيناقش فيه بل يرضى خصوم من شاء من عنده كما جاء في كثير من الأخبار فيا له من حديث جمع الخوف والرجاء اللذين هما سهما العبودية إذ هي اضطرار وافتقار فالخوف اضطرار والرجاء افتقار والعبادة للّه إنما تصفو بخوف التقصير وشكر التوفيق فرؤية التقصير توجب الخوف ورؤية التوفيق توجب الرجاء وقد قيل في معنى هذا الخبر أقاويل كثيرة وما سمعت أجود‏.‏

- ‏(‏ه‏)‏ في الأحكام ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ظاهر اقتصاره على ابن ماجه أنه لا يوجد مخرجاً في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فقد رواه سلطان المحدّثين البخاري في البيع والإجارة لكن بدون ومن كنت خصمه خصمته ولفظه عن اللّه تعالى ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حراً ثم أكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره اهـ فهو عند البخاري من الأحاديث القدسية كما مر‏.‏

3495 - ‏(‏ثلاث تحت العرش يوم القيامة القرآن له ظهر وبطن يحاج العباد‏)‏ وقال ابن الأثير وغيره‏:‏ ظهره لفظه وبطنه معناه أو ظهره ما ظهر تأويله وبطنه ما بطن تفسيره أو ظهره تلاوته وبطنه تفهمه أو ظهره ما استوى المكلفون فيه من الإيمان والعمل بمقتضاه وبطنه ما وقع التفاوت في فهمه بين العباد على حسب مراتبهم في الأفهام والعقول وتباين منازلهم في المعارف والعلوم وفيه تنبيه على أن كلاً منهم إنما يطلب بقدر ما انتهى إليه من علم الكتاب وفهمه، وقال الحكيم‏:‏ ظهره يحاج الأمة وبطنه يحاج الخاصة فإن أهل الملة صنفان قال التوربشتي‏:‏ وقوله له ظهر وبطن جملة مفصولة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه تنبه السامع على جلالة شأن القرآن وامتيازه عما سواه واعترضه الطيبي ثم اختار أنها جملة اسمية واقعة حالاً من ضمير القرآن بلا واو أي القرآن يحاج العباد مستقصياً فيه ‏(‏والرحم تنادي صل من وصلني واقطع من قطعني‏)‏ لأن اللّه تعالى أعطاها ذلك في الدنيا وأمر بالتراحم والتعاطف بها فمن امتثل أمره فاز بالكرامة ومن أبى نودي عليه بالخسران واستحقاق النيران ‏(‏والأمانة‏)‏ تنادي ألا من حفظني حفظه اللّه ومن ضيعني ضيعه اللّه قال القاضي‏:‏ تحت العرش عبارة عن اختصاص هذه الثلاثة من اللّه بمكان وقرب منه واعتبار عنده بحيث لا يضيع أجر من حافظ عليها ولا يهمل مجازاة من ضيعها وأعرض عنها كما هو حال المقربين عند السلطان الواقفين تحت عرشه فإن التوسل بهم وشكرهم وشكايتهم لها تأثير عظيم لديه وخص الثلاثة لأن كل ما يحاوله المرء إما أمر دائر بينه ‏[‏ص 317‏]‏ وبين ربه خاصة أو بينه وبين الخلق عامة أو بينه وبين أقاربه وأهل بيته والقرآن وصلة بين العبد وربه فمن راعى أحكامه واتبع ظواهره وبواطنه أدى حق الربوبية وأتى بوظيفة العبودية والأمانة تعم عموم الناس فإن دمائهم وأموالهم وأعراضهم أمانات بينهم فمن قام بحقها أقام العدل وجانب الظلم ومن وصل الرحم وراقب الأقارب ودفع عنهم المخاوف وأحسن إليهم أدى حقه وخرج من عهدته ولما كان القرآن أعظم قدراً وأرفع مناراً والقيام به يشمل الأمرين الآخرين قدم ذكره وأخبر عنه بأنه يحاج العباد أي يخاصمهم فيما أعرضوا عن أحكامه ولم يلتفتوا لمواعظه وأمثاله سواء ما ظهر معناه فأغنى عن التأويل أو خفي واحتاج إليه وأخر الأمانة لأنها أخصها وأفردها بالذكر وإن اشتملت محافظته على الأولين على محافظتها لأنها أحق حقوق الخلق أن تحفظ ولأنه أراد أن يبين أن صلة الرحم وقطيعته بهذه المثابة العظيمة من الوعد والوعيد اهـ‏.‏ وقال الأشرف‏:‏ الضمير في تنادي عائد إلى الرحم ويمكن عوده إلى كل من الأمانة والرحم‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي في نوادره ‏(‏ومحمد بن نصر‏)‏ في فوائده ‏(‏عن عبد الرحمن بن عوف‏)‏ ورواه عنه أيضاً البغوي في شرح السنة قال المناوي‏:‏ وفيه كثير بن عبد اللّه اليشكري متكلم فيه‏.‏

3496 - ‏(‏ثلاث تستجاب دعوتهم الوالد‏)‏ لولده ‏(‏والمسافر والمظلوم‏)‏ على ظالمه لأن السفر مظنة حصول انكسار القلب بطول الغربة عن الأوطان وتحمل المشاق والانكسار من أعظم أسباب الإجابة والمظلوم مضطر‏.‏

- ‏(‏حم طب عن عقبة ابن عامر الجهني‏)‏

3497 - ‏(‏ثلاثة حق على اللّه عونهم المجاهد في سبيل اللّه‏)‏ لتكون كلمة اللّه هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ‏(‏والمكاتب‏)‏ أي العبد الذي كاتبه سيده على نجوم إذا أداها عتق ‏(‏الذي يريد الأداء‏)‏ أي الذي نيته أن يؤدي للسيد ما كاتب عليه ‏(‏والناكح الذي يريد العفاف‏)‏ أي المتزوج بقصد عفة فرجه عن الزنا واللواط أو نحوهما وإنما آثر هذه الصيغة إيذاناً بأن هذه الثلاثة من الأمور الشاقة التي تكدح الإنسان وتقصم ظهره لولا أنه يعان عليها لما قام بها قال الطيبي‏:‏ وأصعبها العفاف لأنه قمع الشهوة الجبلية المذكورة في النفس وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل سافلين فإذا استعف وتداركه عون إلهي ترقى إلى منزلة الملائكة في أعلى عليين‏.‏